مقال – أزمة البطالة.. المشاكل والحلول (2 ـ 3) الأحد 15 مايو 2011

أزمة البطالة.. المشاكل والحلول (2 ـ 3) الأحد 15 مايو 2011

البطالة هي كرة الثلج التي بدأت بالتدحرج ولا نعلم متى تكبر وتدمر من في طريقها ولكن كل ما نعلمه أن بوادر هذه الأزمة قد بدأت ظواهرها في مجتمعنا الصغير وأصبح آلاف الخريجين ينتظرون بالسنة الوظيفة الحكومية وآلاف غيرهم من حملة الشهادات العليا والجامعية والدبلوم مسجلين كعاطلين لدى إعادة الهيكلة، والحال في ازدياد بالأخص إذا ما علمنا أن في السنوات العشر القادمة هناك 300 ألف قادمون للسوق المحلي، فإذا ما بدأنا بحل المشكلة بجدية فإننا سنعاني أشد المعاناة، ولذا استعرضنا في المقالة الأولى إحصائيات البطالة وجذور المشكلة، ونكمل في مقالنا هذا أسباب أزمة البطالة.

وإذا ما قيل ان الاقتصاد الكويتي ليس بحاجة إلى العمالة الكويتية بحيث لا تتوافر فيها المهارات المطلوبة، فالرد من خلال هذا الجدول الإحصائي الرسمي عن العمالة غير الكويتية حسب التعليم:

من الجدول يتضح أن هناك أعمالا يمكن أن تغطى من العمالة الكويتية في القطاع الخاص مثل المهن الكتابية والبيعية والمديرين.

وكما أوضحنا في جدول سابق أن القطاع العائلي والقطاع المشترك الذي يوظف أكثر من نصف مليون عامل أجنبي بالكاد يوظف 100 موظف كويتي. وهذا الخلل يدل على سوء الإدارة وهذه الإحصائيات توضح أن معدل البطالة عال جدا هذا إذا ما تم قياس الإنتاجية في قطاع الحكومة ومعرفة حجم البطالة المقنعة، فنرى أن هناك سوء إدارة وفسادا في قطاع العمالة بحاجة إلى الإصلاح.

أسباب الخلل:

1_ تضييع بوصلة الأولويات:

للأسف نعيش في الكويت منذ فترة غير قصيرة في تضييع بوصلة الأولويات، فالتأزيم السياسي واستجوابات الخصومة السياسية، ومحاربة النجاح والحسد صفات ما زالت تصف الحالة السياسية للوضع فيما بين السلطة التشريعية والسلطة التنفيذية، فهناك موجة كبيرة جدا من استجوابات الخصومة السياسية تعطل العمل وتضيع الأولويات وللأسف لا نجد حلا لها، وموضوع البطالة هو أحد الأولويات الضائعة في ظل هذه الخصومة السياسية والحرب السياسية الأهلية والتي نرجو أن تنتهي على خير، وأن يقف حكماء الكويت سدا وحائطا لهذا الوضع المزري الذي نعيشه، والذي يدمر كل ما بنيناه، ويضيع مواردنا المالية والثروة النفطية والفرص التاريخية التي نعيشها هذه الأيام.

2_ عدم وجود خطة قوى عاملة:

لا أعرف لماذا لا توجد لدينا خطة قوى عاملة، هل هو بسبب فساد الأجهزة المعنية، أو هو الوهم الذي نتخيله أن مثل هذه الخطط تلزمنا بما لا نستطيع إنجازه، وكما وصف أحد القادة الإداريين في الحكومة عندما سلمته مقترح دراسة خطة قوى عاملة، فقال لي بالحرف الواحد هذا خط أحمر. ومنذ ذلك الوقت وأنا أحاول أفكر في الأسباب لماذا خط أحمر، ولم أجد سوى إجابة واحدة وهي التخلف الإداري وغياب المهنية وسيطرة من لا يستطيع أن يعمل من خلال الخطط والإستراتيجيات على مجريات الأمور، بل من لا يفهم معنى خطة أو إستراتيجية لذلك يخافها ويخشاها، ولا حول ولا قوة إلا بالله، وتؤدي غياب خطط القوى العاملة إلى عدم قدرة المؤسسات التعليمية على تخطيط التعليم والتركيز على احتياجات الاقتصاد، كما إن التعيين العشوائي يسبب التضخم في الميزانية وباب الأجور، ويؤدي إلى ضعف الإنتاجية وهذا فعلا ما نعانيه.

3_ عدم تطبيق نسب العمالة المقرة من مجلس الوزراء:

وتنص المادة (5) من القرار الوزاري رقم 904/2002 على الجهات غير الحكومية والتي لا تلتزم بتطبيق النسب غرامة 500 دينار لكل تصريح عمل زيادة على العمالة الوطنية المقررة.

والسؤال المهم لماذا لا تطبق هذه النسب بالرغم من تواضعها الشديد ومن المسؤول عن ذلك؟ وعلى من تقع مسؤولية تضييع الوظائف على الكويتيين في القطاع الخاص، ولماذا لا تستفيد خزانة الدولة من الغرامات؟

أسئلة بحاجة إلى إجابة والأجوبة لا تبتعد بلا شك عن الفساد الإداري في المنظمات الحكومية المسؤولة عن التطبيق..!

فساد وزارة الشؤون:

وزارة الشؤون هي المسؤولة عن تطبيق قانون العمالة، وقرارات مجلس الوزراء في العمالة، ولكن للأسف الشديد فان هذه الوزارة هي السبب الذي نعيشه والخلل الهيكلي في قطاع العمالة للأسباب التالية:

٭ عدم تطبيق نسب العمالة المنصوص عليها في قرار مجلس الوزراء، وعدم تحصيل الغرامات على الشركات المخالفة.

٭ إغراق السوق الكويتية بالعمالة الهامشية وغيرها من دون رقابة بالرغم من وضوح الأرقام أمام المسؤولين ووجود شركات صغيرة وكبيرة تتاجر أمام عينها بالعمالة، وقول المسؤولين في الوزارة «عطونا أسماء» هذا كلام مأخوذ خيره فالإحصائيات والأرقام واضحة ولا تحتاج إلى دليل وبرهان، ويكفي أن هناك 300 ألف عمالة مهاجرة أشباح لا يعلم أين هم وأين مكانهم، وإن كانت هذه أيضا مسؤولية وزارة الداخلية.

٭ يتعمد المسؤولون في الوزارة إبعاد وضع خطط للعمالة والتي نحن بحاجة إليها في السوق الكويتية لاستمرار الفوضى في السوق وحتى لا يحاسبهم أحد، ويستمرون بإغراق السوق بالعمالة.

٭ غياب الرقابة، والواضح أن الرقابة مغيبة في وزارة الشؤون بالرغم من وجود إدارة للتفتيش، ولكن هذه الإدارة لا دور لها على الجانب الرقابي والواضح أن إيكال الرقابة لنفس الجهة التي تصدر التراخيص، هذا مبدأ فيه تعارض مصالح ولا يمكن أن يحدث والمفروض أن ينشأ جهاز رقابي خارج وزارة الشؤون يقوم بالرقابة على تراخيص العمالة، ويفضل ديوان المحاسبة أو جهاز تابع لمجلس الأمة أو مجلس الوزراء لضمان الرقابة والموضوعية ولإبعاد تعارض المصالح.

٭ إفشال عمليات تطوير سوق العمالة، ومن غرائب الأمور إيكال إعداد إنشاء هيئة القوى العاملة الجديدة إلى وزارة الشؤون، وهذا يعني استمرار الفساد والتخلف الإداري ولا طبنا ولا غدا الشر، وبدليل تعطيل إنشاء الهيئة وانتهاء مهلة السنة في القانون، والواضح أن أي عمليات تنظيم أو إعادة هيكلة سوق العمالة مصيرها الفشل وبقيادة وزارة الشؤون.

Advertisement

About Waleed Alhaddad

كاتب - باحث - خبير إداري و اقتصادي - مستشار التطوير الاداري في جهاز اعادة الهيكله-ديوان الخدمه المدنيه
This entry was posted in مقالات and tagged . Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Fill in your details below or click an icon to log in:

WordPress.com Logo

You are commenting using your WordPress.com account. Log Out /  Change )

Twitter picture

You are commenting using your Twitter account. Log Out /  Change )

Facebook photo

You are commenting using your Facebook account. Log Out /  Change )

Connecting to %s