أزمة البطالة.. المشاكل والحلول (3-3) الأحد 22 مايو 2011
بعد أن تناولنا في المقالتين السابقتين وضع البطالة في الكويت والمدعومة بالإحصائيات الرسمية وأسباب حدوث الأزمة نتناول في هذه المقالة:
الحلول المقترحة لأزمة البطالة:
1- وضوح الأولويات:
من الأهمية بمكان أن تكون الأولويات واضحة جدا أمام أعيننا وان يتم التركيز عليها، وضياع البوصلة هي سبب عدم تمكننا من استغلال أموال البترول منذ 50 عاما لبناء اقتصاد كويتي منتج يعطينا بديلا للدخل النفطي، وأيضا بناء قوى عاملة منتجة وفاعلة وذات تعليم إيجابي وقادرة على حمل أعباء الاقتصاد الكويتي وأيضا بناء قوانين صارمة لحماية العمالة الوطنية وإعطائها الأولوية في مشاريعنا وفي أنفاقنا، وتعتبر اقتصادات العمالة أساسية في اقتصادات الدول المتقدمة ومعدل البطالة من شأنه أن يسقط حكومات وأن يربح أحزابا في الانتخابات، ولعل من المهم جدا أن تكون لدينا خطة قوى عاملة للسنوات العشر المقبلة وهذه الخطة يفضل أن تصدر بقانون حتى تلزم المؤسسات الحكومية بالتنفيذ وتقوم أيضا مؤسساتنا التعليمية والجامعات ببناء خططها التعليمية ونوعية الخريجين واختصاصاتهم بناء على هذه الخطة، ويفترض بخطة القوى العاملة أن تبنى بصورة علمية وعملية ومن واقع مشاكل العمالة في الاقتصاد الكويتي، وليست خططا نظرية كالعادة تكتب ولا تنفذ، وهنا دعوة للاخوة الأعضاء في السلطة التشريعية بوقف التأزيم الذي لا يخدم الاقتصاد والمجتمع الكويتي والتركيز على الأولويات، ووقف التأزيم السياسي مؤقتا لالتقاط الأنفاس ومراجعة النفس ووضع الأولويات وهذا لا يعني مصادرة حق السلطة التشريعية من الرقابة ولكن المطلوب التركيز على الأولويات.
2- محاربة الفساد:
لا تنمية مع فساد، ولا تطور بجانب الفساد، فمحاربة الفساد أولوية قصوى، الكويت هذه السنة تقدمت بمدركات الفساد العالمية واحتلت المرتبة الـ 54 بعد أن كانت 66 السنة الماضية، ولكن من الواضح أنه لا توجد قرارات رئيسية لمحاربة الفساد في الحكومة مثل إنشاء وحدات لمحاربة الفساد أو هيئة عامة أو غيرها من القرارات التي تدل على جدية الحكومة في هذا الجانب، ولعل أقوى لوبي فساد في الكويت هو لوبي العمالة الذي لم تتخذ بحقه أي قرارات رئيسية والشؤون طبعا حيلها في الجمعيات التعاونية، أما العمالة فهذا القطاع لا يمس بسبب قوة هذا اللوبي بالرغم من وضوح الأمور أمامهم، وتقف أيضا السلطة التشريعية أمام هذا اللوبي ولا تمسه، وللأسف هذا اللوبي هو سبب تشويه سمعة الكويت دوليا، وأمام إيقاف تطبيق القوانين، وقرارات مجلس الوزراء، وأمام معاناة الشباب الكويتي في إيجاد الوظائف، وسيكون مسؤولا أمام تدمير ثروات البلد، ولكن للأسف لا حياة لمن تنادي؟باختصار القضاء على لوبي فساد العمالة هو الطريق أمام القضاء على أزمة البطالة وتطبيق القوانين.
3 – تطبيق القوانين:
من صفات حكومتنا السلبية عدم تطبيقها للقوانين ووقوفها أمام الضغوطات السياسية والاقتصادية أمام تطبيق قوانين مهمة جدا وهي قانون العمالة وإنشاء هيئة العمالة، وقانون العمالة الوطنية، ونسب العمالة الوطنية في قرارات مجلس الوزراء، وسبب تعطل هذه القوانين للأسباب التي تم ذكرها آنفا هو تورط الحكومة بسبب عدم وجود نظام قيادات ورغبتها في تعيين قيادات موالية وهذا أمر مدمر للإدارة العامة والمفروض أن المناصب القيادية تكون متاحة للجميع أمام ضوابط معلنة ونظم تقييم عادلة، وعموما لا عذر أمام تطبيق القوانين والقرارات ومسؤولية الحكومة كبيرة في هذا الباب؟
4- ربط نجاح الخطة التنموية بمدى قدرتها على توظيف العمالة الوطنية:
تعتبر الخطة التنموية الخمسية أكبر إنفاق يمر على الكويت حيث بلغ 36 مليار دينار بما يعادل 120 مليار دولار، فلا يعقل أن تنشأ هذه المشاريع الضخمة وعشرات الشركات العامة وتمر مرور الكرام أمام الاستفادة من العمالة الوطنية، فأي مشروع يجب أن يوظف 10% عمالة وطنية على الأقل والشركات العامة 50% من عمالتها وطنية، للأسف هذا التوجه مفقود في تطبيق الخطة، سألت أحد العاملين في لجنة المناقصات المركزية، هل تطبق اللجنة نسب العمالة الوطنية على الشركات المحلية الفائزة بالعقود الضخمة التي أبرمت مثل 300 مليون دينار، و150 مليون دينار وغيرها فقال هذا آخر شيء تهتم به لجنة المناقصات ولا حول ولا قوة بالله؟
5- إلزام القطاع الخاص بتطبيق القوانين:
تعتبر الحكومة هي المنفق الأكبر في الاقتصاد و80% من الاقتصاد المحلي يعود للإنفاق الحكومي، وتستطيع الحكومة هنا ربط الإنفاق بتطبيق سياسات العمالة المحلية، فالأرقام المنشورة في هذه المقالة كما وصفها أحد المعلقين على المقالة مخيفة وهي كذلك فهل يعقل أن القطاع الخاص يوظف 2 مليون عامل غير كويتي أمام 60 ألف عامل كويتي، فهناك حلقة مفقودة أهمها هي إهمال الحكومة في تطبيق قراراتها وأيضا التساهل في الإنفاق وأخيرا عدم وطنية هذا القطاع الذي لا تهمه إلا مصلحته.
6- فتح التعيين بالبترول ووقف احتكار الوظائف:
يعتبر البترول أحد القطاعات الرئيسية للدخل والمفروض في هذا القطاع وحده أن يستوعب جميع العمالة الكويتية الفنية والإدارية المتخصصة ولكن للأسف التطوير في هذا القطاع يتصف بالبطء واحتكار أقلية لهذا القطاع ومنع العمالة الكويتية من العمل في هذا القطاع، ويقول لي أحد القيادات السابقة في هذا القطاع أن العمالة الحقيقية الوطنية التي تدير هذا القطاع لا تتعدى 3000 موظف وعامل، وهذا خطر جدا على أهم مادة أولية تزود الميزانية العامة، ولي تجربة مع قطاع التدريب في البترول حيث تمنع الكفاءات الوطنية من التدريب في مؤسسة البترول بحجج واهية جدا! فالمطلوب تطوير هذه الصناعة معتمدة على العمالة الوطنية.
7- إعطاء القضاء الكويتي دورا رئيسيا في إنصاف العمالة الوطنية:
القضاء هو الملاذ الآمن للكويتيين المتصف بالنزاهة والعدالة، وهنا يمكن إنشاء لجنة قضائية للنظر في أمور البطالة والعمالة التي تظلم بسبب عدم تطبيق القوانين وتكون مقرها في مجلس الوزراء وقراراتها تكون نهائية وملزمة للقطاع الخاص والحكومي، لأن دخول العاملين في دهاليز قصر العدل والمحامين يجعلهم يحجمون عن التوجه إلى القضاء بسبب التكلفة المالية العالية للمحامين، فهذه اللجنة القضائية تكون بمثابة القضاء الإداري أو القضاء العمالي للقضايا التي تقل تكلفتها عن 5000 دينار، وبهذا نعطي القضاء دورا مهما في القضاء على أزمة البطالة في الكويت.
8- إنشاء صندوق للبطالة:
في جميع الدول المتقدمة توجد صناديق حكومية خاصة بالبطالة وأعتقد أنه آن الأوان لإنشاء مثل هذا الصندوق في الكويت يكون مورده المالي من المخالفات التي توضع على القطاع الخاص بسبب عدم التزامهم بنسب العمالة المحلية، ومن خلال التبرعات ومن خلال وضع رسوم على العمالة غير الكويتية لدعم هذا الصندوق عند دخولها وخروجها من الكويت، يكون دور هذا الصندوق إعطاء العاطلين راتب كامل إلى حين إيجاد وظيفة له.
9- وقف الحجز على السكن الخاص للعاطلين:
من الأهمية بمكان لمن يتقدم للبطالة وقف الديون والحجز القضائي وغيره على العاطلين سواء للديون السكنية أو التجارية… من الناحية الإنسانية وحفظ لحقوق هذه الفئة.
10- الدراسات حول وضع العمالة والبطالة:
من المهم تكثيف الدراسات والبحوث من مؤسساتنا العلمية حول هذا الموضوع، وقياس معدلات الإنتاجية، وأسباب البطالة والحلول، فهناك قصور شديد في هذا الجانب والمطلوب تحفيز الباحثين والمؤسسات العلمية لدراسة هذا الجانب الهام في الاقتصاد الكويتي.
وختاما حلول مشكلة العمالة الكويتية مازالت في أيدينا قبل أن يفلت الزمام وتكبر كرة البطالة ومشكلة العمالة فلا نستطيع حلها، فالسرعة في اتخاذ القرارات وتطبيق القوانين ومحاربة الفساد مهمة جدا، وهذه مسؤولية مجتمعية لجميع قطاعات المجتمع، بالإضافة إلى كونها مشكلة السلطة التنفيذية بالدرجة الأولى، وكنت منذ مدة في زيارة إلى سنغافورة وفتحت الصحيفة اليومية فوجدت ثلث الصحيفة إعلانات لشغل وظائف، وأنا لي أمل يوما ما أن نصبح بهذا المستوى وتعطى العمالة الكويتية الخيار في اختيار الوظيفة التي تناسب مؤهلاتهم وتخصصاتهم وخبراتهم وتعطى البدائل المناسبة للاختيار كما في سنغافورة، وهنا يمكن القول اننا قمنا بحل مشكلة البطالة في الكويت.