أزمة البطالة.. المشاكل والحلول (1- 3) الأحد 8 مايو 2011
البطالة هي المرض الاقتصادي الذي ينخر المجتمعات فمتى ما حدثت بمعدلات عالية يمكن أن يهتز المجتمع وتحدث تغييرات هيكلية، وهو غالبا ما يعبر عن فشل السياسات الاقتصادية والأداء الحكومي.
وتعرف منظمة العمل الدولية البطالة بانها «العاطل القادر على العمل والراغب فيه يبحث عنه، ويقبله عند مستوى الأجر السائد ولكن دون جدوى»، فالطلاب والمتقاعدون والمسنون وذوو الاحتياجات الخاصة لا يدخلون ضمن هذا التعريف، وكما تعرف البطالة المقنعة بأنها: «تتمثل في حالة من يؤدي عملا ثانويا لا يوفر كفايته من سبل العيش أو أن بضعة أفراد يعملون معا في عمل يمكن أن يؤديه فرد واحد منهم»، وأضرار البطالة كبيرة جدا فهي قد تؤدي إلى الإحباط وتغيير الهيكل السياسي للدول، وأيضا تؤدي إلى لجوء الشباب إلى المخدرات ووسائل اللهو والكسب غير المشروع، وتؤدي إلى الخلل في الهيكل الاجتماعي، وتؤدي أيضا إلى هجرة الشباب والقوى العاملة الماهرة وتفريغ الاقتصاد من أهم عوامل بنائه وتطوره وهي القوى البشرية الماهرة. قد لا يصدق عاقل عندما تقول له أن أبناء الكويت يعانون من البطالة فهو قد يقول لك انك تعاني من خلل عقلي، أو أن يلقى على قفاه من الضحك… كيف يمكن لدولة لديها احتياطيات مالية بمئات المليارات موزعة على العالم أجمع وتوفر وظائف بمئات الآلاف لأبناء هذه الدول ويعاني أبناؤها من البطالة، كيف لدول تحتضن 2 مليون عامل مهاجر وأجنبي وعدد العمالة لديها 300 ألف ويعاني أبناؤها من البطالة؟! كيف يمكن لدولة لديها صناديق تنموية دولية هدفها بناء المشاريع وتوفير الوظائف للدول النامية ويعاني أبناؤها من البطالة؟! لابد أنك تكذب أو تختلق الادعاءات لأهداف أخرى.. الجواب طبعا فلندع الإحصائيات تتكلم:
الإحصائيات الرسمية للبطالة: وهنا سنأخذ إحصائيات البطالة من الإدارة المركزية للإحصاء، وهي:
أعداد المتعطلين حسب النوع والمستوى التعليمي من ذوي المؤهلات الجامعية وما يعلوها والمؤهلات الأخرى الذين حصلوا على دورات تدريبية وخبرة من دون مؤهل وفقا للحالة في 20/4/2010 من واقع أعداد المسجلين بديوان الخدمة المدنية والباحثين عن عمل:
الملاحظة الأولية على الجداول التي مرت علينا توضح القراءة السطحية والمسجلين رسميا للبطالة وهي لا تمثل الواقع الحقيقي وجذور المشكلة والتي سنوضحها لاحقا، ورغم ذلك يلاحظ أنه إذا أخذنا أرقام البطالة عام 2008 وقسمناها على عدد العاملين والمسجلين رسميا في إحصاء التخطيط وهو 319.638 وكما هو موضح بالجدول التالي:
فإن معدل البطالة الحقيقي هو: 19248 / 319638 × 100 = 6%
وهذا المعدل الرسمي وبدون حساب البطالة المقنعة في الحكومة وعلى مستوى القطاع الخاص، ولكن واقع الأمر غير ذلك فإذا ما أخذ أولا معدل العمالة الكويتية بجانب العمالة المهاجرة وهي كالتالي: 332516 / 1753161 × 100 = 18.9%
ويتضح الخلل في هيكلية العمالة في ان الكويتيين لا يمثلون إلا 18% من حجم القوى العاملة في الاقتصاد الكويتي ويتركز بحدود 90% منهم في القطاع الحكومي، ولو فرضنا أن النسبة الصحيحة كما يحدث في جميع دول العالم أن النسبة 50/50 لكل من القطاع العام والقطاع الخاص للعمالة الكويتية فهذا معناه أن يكون في الحكومة 166258 موظفا، وفي القطاع الخاص 166256 موظفا، وعلى حسب الإحصائيات الصادرة عن إعادة الهيكلة 60 ألف كويتي يعملون في القطاع الخاص حاليا فإذا طرحناهم من 166256 موظفا والمفترض أن يكونوا في القطاع الخاص فإن حجم البطالة الحقيقي يكون 106256 عاملا كويتيا وهذا الرقم قامت الحكومة بتوظيفه من دون حاجة تذكر في القطاع العام مما يعني زيادة العبء على القطاع العام والميزانية العامة فيكون معدل البطالة الحقيقي هو: 106256 / 332516 × 100 = 31%
و31% حجم البطالة الحقيقي إذا افترضنا أن نصف العمالة الكويتية يجب أن يكونوا في القطاع الخاص وهذا معدل إحدى الدول الأفريقية والتي ليست لديها موارد تذكر، وهذا يصلنا إلى جذور المشكلة.