إدارة الصراع والخلافات
الأحد 20 نوفمبر 2011 – الأنباء
________________________________________
الخلاف أمر يومي نعيشه في حياتنا، والخلاف مصاحب للتغيير والتقدم والأمر المؤسف هو عدم قدرتنا على حل الخلاف بطريقه بناءة ومفيدة، يقول الله تعالى في محكم كتابه (ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك ولذلك خلقهم، وتمت كلمة ربك لأملأن جهنم من الجنة والناس أجمعين)، فجعل الله سبحانه وتعالى الخلاف امتحانا للإنسان هل يهديه إلى سواء السبيل أم يهديه إلى سوء السبيل وهذا في حالة تحكيم العقل والحكمة للوصول إلى الحلول الموضوعية والصحيحة.
وفي ظل المجتمعات الحالية ومع التقدم السريع وزيادة حجم الثروات والمال بالأخص لدينا في مجتمعنا النفطي أصبح الصراع والخلافات أمرا يوميا نعايشه بين أصحاب النفوذ يحتد أحيانا ليهدد مجتمعنا الصغير ويهدأ أحيانا ليعطينا فرصه للبناء والتخطيط ولكن في الآونة الأخيرة اشتد مثل هذا الصراع والخلاف فكان واجبا علينا نحن المتخصصين في علوم الإدارة تقديم واجب النصح والتوضيح لكيفية إدارة هذا الصراع بالطريقة العملية الصحيحة للوصول إلى نتائج ايجابية وعدم ترك هذه الخلافات لإغراق المركب الذي نسير فيه خاصة وان العلم تطور بشكل رائع في هذا المجال ووجب الاستفادة منه.
الآثار السلبية لعدم حل الصراع والخلافات:
تطوره إلى أن يصبح مدمرا للمنظمة أو الدولة.
استغلال أطراف أخرى لهذا الخلاف في تدمير المنظمة أو المجتمع.
تشتت المنظمة أو المجتمع إلى عدة أطراف واحتدام الصراع بينها.
عدم الثقة في الإدارة العليا من الأطراف الأخرى غير الداخلة في الخلاف في قدرتها على الإدارة وتحقيق الأهداف والسيطرة.
البعد عن تحقيق الأهداف والاستراتيجيات بسبب سيطرة الخلاف على ذهن المسؤولين والقياديين وتشتت فكرهم.
نشأة جيل جديد في حالة طول مدة الخلاف قائم على الصراع والخلاف لتحقيق أهدافه وهذا خطر على المنظمة والمجتمع.
فقدان القدرة على المواجهة والإدارة بسبب تجاهل الأزمة الخلافية والصراع.
الخلافات الإيجابية في المنظمة أو المجتمع قد تتحول إلى سلبية بسبب عدم قدرتنا في السيطرة على الخلافات.
أسباب الصراع:
هناك أسباب عديدة لحدوث الصراع والخلافات أهمها:
عدم وضوح الهدف أو الاستراتيجية أو الغاية يجعل الجميع يفسر الأحداث ويحدد أفعاله على اجتهاداته مما يسبب الخلاف بين الأفراد بل بين القيادات والمسؤولين.
عدم وجود نظام لإدارة الخلاف واحتوائه يسبب تفرق الأفراد ويسبب تمادي البعض في الخلاف إذ لا يوجد نظام يحده ويوقفه.
قلة التواصل وضعف الاتصالات مما يؤدي إلى فقدان الثقة.
التناقض في أداء الأدوار يجعل كل من يرى الطرف الآخر على نقيض ما يفعله.
الصراع القيمي حيث لكل قيمه وآراءه تختلف عن الآخر.
عدم توافق الأهداف والحاجات.
اختلاف الأفكار حول تأدية المهام.
العداء النفسي.
حب السيطرة والهيمنة والتملك.
داء الحسد والغيرة الذي ينخر المجتمعات ويدمرها.
تزداد حدة الخلافات بين الأفراد كلما ازدادت حدة الخلافات في المنظمة.
استراتيجيات إدارة الصراع والخلافات:
هناك العديد من الاستراتيجيات في هذا المجال لا يسع هذا المقال الصغير أن يستوعبها ولعلنا نتناول ما نراه انه مهم:
توافر القصد والنية: لعل أهم قاعدة في حل الخلاف أن يكون هنا نية وقصد أساسي لدى القائمين على حل الخلاف لوضع حلول له، وكما يقول النبي صلى الله عليه وسلم «إنما الأعمال بالنيات…» فإذا كانت نية القائمين على الحل تجاهل الخلاف إلى أن يتضح الفائز منه فلا شك أنه لا حلول أو إذا كانت النية الوقوف مع طرف ضد آخر وهذا من شأنه أن يجعل الخلاف يستفحل وهناك آخرون للأسف الشديد يجدون في إيقاع الصراع والخلافات بين الآخرين طريقهم لتحقيق أهدافهم وهذا الأسلوب الأسوأ والمدمر.
التعايش السلمي: وهو تهدئة الخلافات والتأكيد على مواضع الاتفاق، فيتم تشجيع الناس على العيش في سلام بحيث يتوافر في هذه الحالة تبادل المعلومات والاتصالات، وإن كانت هذه الطريقة قد تهدئ الأمور ولكنها قد تثور بعد ذلك.
التسوية: ويتم الحل هنا بالتفاوض أو بالمساومات ولا يفوز أو يخسر أي طرف من الأطراف في هذه الحالة.
أسلوب الفوز للجميع win win: وهذه أفضل الطرق أن تجعل أطراف الخلاف يشعرون بأنهم فائزون ويقبلون بأن يفوز معهم الطرف الآخر وهذه الطريقة تتطلب حسن النية من الطرفين ورغبتهما في حل الخلاف ومشاركة جميع الأطراف في الاستفادة وهي من أفضل نتائج حل الخلافات والصراعات.
المواجهة البناءة: وهي جمع طرفي الخلاف وغالبا ما تتم بوجود طرف ثالث يكون دوره خلق مناخ من التفاهم والتعاون فيما بينهما، ودور الطرف الثالث أن يكون مستمعا فعالا وأن يساعد الطرفين على فهم وتحديد المشكلة وأن يسمح لكلا الطرفين بالتعبير عن المشكلة وإبداء وجهة نظره، وأن يساعد كلا الطرفين في وضع حلول بديلة للمشاكل وأن يضع الخطط وأن يساعد في التنفيذ وهي من الطرق المهمة في إدارة الخلاف من حيث مواجهته والقضاء عليه قبل أن يستفحل.
إستراتيجية السيطرة وبناء نظام التفاعل: وفي هذه الحالة يتم الفصل بين طرفي الخلاف والتهدئة لإعطاء أطراف ثالثة فرصة لحل الإشكال ويتم بناء نظام التفاعل وهو تطوير اللوائح الأساسية للتعامل مع الخلاف وهو وضع نظام لإدارة الخلافات وأن تكون من خلال هذه اللوائح والأنظمة وهذا ما تحتاجه أي منظمة ومجتمع لضمان السيطرة على الصراعات السلبية التي تدمرها.
تجنب الدخول في الخلاف إلى حين الاستعداد لإدارة الصراع ولكن التأخير في هذه الحالة مضر جدا ويجب أن يكون التوقيت مدروسا حتى لا يستفحل الخلاف بحيث لا يمكن حله.
الهيمنة كاستخدام النفوذ والسلطة الرسمية لحل الخلاف في حالة توافرها وأيضا القوة.
المواجهة للخلافات العدائية: وهي مواجهة الطرف الآخر إلى حين التغلب عليه بسبب عدائيته وعدم رغبته في التوصل إلى حلول.
الإيثار: وهو الاستعداد للتضحية وتقديم الطرف الآخر على اهتماماتك وأهدافك لتحقيق مصلحة عليا.
وختاما حتى لا نطيل على القراء حل الخلافات والصراعات بطريقة بناءة وايجابية يمثل تحديا مؤسسيا ومجتمعيا للنجاح الإداري، فالخلاف ليس شرا كله بل إذا تم توجيهه إلى خير المنظمة والمجتمع كان ممتازا، وإلا أصبح مدمرا في حالة عدم حله أو احتوائه.
http://www.waleedalhaddad.com