مقالة : حكومة المبادرات…امنيه كويتيه

د.وليد عبدالوهاب الحداد      

———————-

                            حكومة المبادرات….امنيه كويتية

                         ======================

 

     نعيش وقت التغيير السريع فالتغيير التكنولوجي والاكتشافات العلمية والتطبيقات الإدارية السريعة فرضت على العالم التغيير كل 6 شهور ، وعدم القدرة على ملاحقة هذه التغييرات يعني أن نعيش في الصفوف الخلفية وأن نعاني من التخلف ، ولذلك نشأ علم إدارة التغيير change management ، وأصبحت الجامعات الكبيرة مثل هارفرد وغيرها تضع أقسام التغيير ضمن برامجها الرئيسية في تدريس علوم الإدارة ، وعدم الشعور في التغيير وأهميته لا تجعلك ترغب في التطور ومواكبة العلوم الحديثة ، ومن الأمور المهمة التي يجب أن نضعها في الحسبان أن هناك مؤسسات ومنظمات وأيضا دول كبيرة كانت تملك الثروات والمال وكانت قائدة في زمنها ولكن وقوفها عن التطور جعلها تقف في الصفوف الخلفية بل أن بعضها اختفى تماما من الساحة الاقتصادية والسياسية ، وهناك دول كانت لا تملك شيئا من الموارد الطبيعية وكانت فقيرة منذ 40 سنة ولكنها مع رغبتها في التطور ورغبتها في إدراك التغيير الحديث أصبحت في مصاف الدول المتقدمة مثل كوريا الجنوبية ، وماليزيا ، ودبي ، وحتى ندرك التطور لا بد أن تكون لدينا روح المبادرة والرغبة في التطور ، وعدم اجترار التفوق في الماضي ، والأهم القدرة على المبادرة والتنفيذ ورؤية الأمور على وجهها الصحيح ، فالكويت في السبعينات من القرن الماضي كانت درة الخليج وجوهرته ومضرب مثل على التطور والتنمية الحديثة ، وزيارة منا لمتحف دبي في قصر آل مكتوم القديم نرى طلبات دبي من الكويت لإنشاء مكتبات ولدعم التعليم لديها ، والآن رجعنا في مستوى التنمية البشرية وكانت الكويت تحتل المرتبة الأولى ولكننا فقدناها منذ زمن وأصبحت دول مثل قطر والإمارات الأوائل على مستوى العالم العربي ، وفقدنا تجارة الاستيراد والتصدير ، وفقدنا التفوق الرياضي ، وفقدنا قدرتنا على جذب رؤوس الأموال الأجنبية ، وفقدنا تفوقنا في المجال العقاري ، وفقدنا تطورنا في المجال التنموي وهكذا …الخ ، السبب في هذا وقوفنا على الماضي على كويت الستينات والسبعينات واعتقادنا أن أسلوبنا في الإدارة في هذه الأوقات والزمان لا زال ساريا ويمكن أن نستمر في التفوق بنفس الأسلوب ، بالطبع هذا أرجعنا للوراء وأفقدنا زمام المبادرة ، وبالرجوع إلى أغلب قوانيننا الإدارية وقوانين إنشاء كثير من وزاراتنا ومؤسساتنا نراها لا زالت منذ الخمسينات والستينات معمول بها اليوم منذ القرن الماضي ، وهذا شيء غريب فالعالم تطور ، تطورا كبيرا في مجال العلوم الإدارية والقانونية ، وهناك قياديين منذ تلك الحقبة لا زالوا يديرون مؤسساتنا بنفس العقلية وبنفس الأسلوب الإداري القديم البيروقراطي الفاشل ، والناظر اليوم إلى نتائج اجتماعات مجلس الوزراء يدرك أن هناك خللا ما في مفهوم الإدارة والقيادة ومفهوم التغيير والتطور ، فاجتماعات الوزراء تنم عن المركزية والبعد عن تحقيق النتائج والانجازات وتتجه لقرارات بيروقراطية مركزية مثل التعيينات ، وغيرها من الأمور البروتوكولية ، وأصبحت وزرائنا موظفين كبار بدلا من أن يكونوا قياديين لهم القدرة على أخذ زمام المبادرات والقدرة على تحقيق الانجاز والنتائج ، نحن في واقع الأمر كما يصفها ديفيد اوسبورن في كتابة إعادة اختراع الحكومة بحاجة إلى حكومة مبادرات Entrepreneur Government حكومة المبادرات هذه لها رؤية واضحة ومحددة ولها استراتيجية تسير عليها ، ولديها قادة لديهم القدرة على إنجاز هذه الخطط والاستراتيجيات ، هذه الحكومة توجهها نحو تحقيق النتائج والانجازات وهي مقياس قياس الأداء وليس على الولاء ومن تكون ومن تمثل ، هذه الحكومة تحكمها أنظمة إدارية حديثة توجهه أعمالها مثل أنظمة الجودة وقياس الأداء وخدمة العملاء والموارد البشرية ، وحكومة المبادرات تعتمد على التكنولوجيا الحديثة في أداء أعمالها وتلاحق هذه التطورات التكنولوجية وتوظفها في أعمالها ، وهي لها القدرة على جذب الكفاءات والعلماء والمبادرين من الداخل ومن شتى أنحاء العالم وتوظيف قدراتهم لتطوير أعمالها ، حكومة المبادرات تحارب البيروقراطية وتعديلها لا أن تقوم بتعزيزها ، حكومة المبادرات حكومة لا مركزية تركز على الخطط والاستراتيجيات وتترك التنفيذ للجهاز التنفيذي لديها وللقطاع الخاص ، حكومة المبادرات لها القدرة على الشراكة مع القطاع الخاص والاستفادة من قدراته ، حكومة المبادرات لها القدرة على استيعاب الأزمات الاقتصادية والسياسية بل تخطط لها قبل وقوعها وتديرها بكل قدرة لتخفيف آثارها ، حكومة المبادرات تسبق أفراد مجتمعها في التفكير وتذهلهم بقدرتها على الانجاز والسرعة في التطور ، وحكومة المبادرات تستغل أي فرصة لصالح مجتمعها في بنائه بناء صحيح ومتطور … وحتى نضرب بعض الأمثلة كوريا الجنوبية إحدى دول نمور آسيا في الخمسينات كانت دولة فقيرة لا تملك من الموارد الطبيعية شيئا ولكنها كانت جارة اليابان التي تماثلها في فقر الموارد الطبيعية ولكن اليابان اعتمدت على تطوير الموارد البشرية وبناء نظام تعليمي قوى ذات جودة عالية ورغبتها في ملاحقة التطور الحديث وحصلت على ما تريد ، كوريا الجنوبية نسخت التجربة اليابانية واهتمت بالتعليم والموارد البشرية وتطورت بدون موارد طبيعية ولا موقع جغرافي ولكن قاعدتها الأساسية في التطور هو شعبها وقدرتها على أخذ زمام المبادرات والاستمرار في التطور ، ماليزيا أيضا تشابه دولتنا في اعتمادها على الموارد الطبيعية وكانت تعاني من تقلبات الأسعار العالمية لهذه المواد ولكنها بقيادة المبدع مهاتير محمد أخذت زمام المبادرة ووضعت استراتيجية 2020 والتي تقضي بتحويل ماليزيا إلى دولة صناعية متقدمة عام 2020 ، وحصلت قبل هذا التاريخ على ما تريد وطورت اقتصادها وحكومتها بشكل كبير وأصبح الاعتماد على الموارد الأولية من الماضي ، وهناك نماذج من استراليا ، ونيوزلندا ، والنرويج دول يمكن الاستفادة من تجاربها في تطوير أنفسنا وتحويل حكومتنا إلى حكومة مبادرات ، ولكن لا بد أولا من الإيمان بأهمية التغيير والتطور ، والإخلاص والنية الحسنة ، والشفافية والنزاهة حتى نحصل على ما نريد .

                                                                     والله الموفق ،،،

Advertisement

About Waleed Alhaddad

كاتب - باحث - خبير إداري و اقتصادي - مستشار التطوير الاداري في جهاز اعادة الهيكله-ديوان الخدمه المدنيه
This entry was posted in Uncategorized. Bookmark the permalink.

1 Response to مقالة : حكومة المبادرات…امنيه كويتيه

  1. Attractive element of content. I just stumbled upon your website and in accession capital to claim that I get
    actually enjoyed account your blog posts. Anyway I’ll be subscribing to your feeds and even I success you get entry to constantly rapidly.

Leave a Reply

Fill in your details below or click an icon to log in:

WordPress.com Logo

You are commenting using your WordPress.com account. Log Out /  Change )

Twitter picture

You are commenting using your Twitter account. Log Out /  Change )

Facebook photo

You are commenting using your Facebook account. Log Out /  Change )

Connecting to %s