حب العمل والإنتاجية وجودة الخدمات والمنتجات طريق أي امه للتطور وللبناء الاقتصادي المنتج فكلما زادت إنتاجية الموظف زادت امته بالرقي والتطور ، فأخلاق الحضارة والتنمية والبناء الاقتصادي الفعال تقتضي ان يحب أبنائنا العمل وانتاجيته وان يتصفون بالأمانة والصدق والشفافية في أداء أعمالهم ، ولقد حث الإسلام علي العمل واعطاه أهمية كبري يقول الله عز وجل(فأذا قضيت الصلاة فأنتشروا في الأرض وابتغوا من فضل الله)وقال عز وجل (هو الذي جعل لكم الأرض ذلولا فأمشوا في مناكبها وكلوا من رزقه وأليه النشور) وقال الرحمن (ربكم الذي يزجي لكم الفلك في البحر لتبتغوا من فضله ) وهناك العديد من الآيات التي تحث علي العمل وطلب الرزق ، واما احاديث النبي صلي الله عليه وسلم في الحث علي العمل وزيادة الإنتاجية واتقان العمل فهي كثيرة ونسوق اليكم بعض من هذه الاحاديث
“ما اكل أحدا طعاما قط خيرا من ان يأكل من عمل يده ، وان نبي الله داود كان ياكل من عمل يده” البخاري”
“ما زال الرجل يسأل الناس حتي يأتي يوم القيامه ليس في وجهه مزعة لحم ” البخاري”
“ان النبي صلي الله عليه وسلم دخل علي ام بشر الانصارية في نخل لها ، فقال لها النبي صلي الله عليه وسلم : من غرس هذا امسلم ام كافر ، فقالت : بل مسلم ، فقال : لا يغرس مسلم غرسا ولا يزرع زرعا فيأكل منه انسان ولا دابة ولا شيء الا كانت له صدقه” رواه مسلم
وقال صلي الله علي وسلم “اليد العليا خير من اليد السفلي” البخاري ومسلم
وعنه صلي الله عليه وسلم “لأن يحتطب احدكم حزمة علي ظهره خير له من ان يسأل أحدا أعطاه او منعه ” البخاري
(وعنه صلي الله عليه وسلم في مجال الجودة (ان الله يحب من العامل اذا عمل ان يحسن)
(وعنه صلي الله عليه وسلم )(الخازن الأمين الذي يؤدي ما امر به طيبة نفسه احد المتصدقين)
“وعنه صلي الله عليه وسلم “العامل بالحق علي الصدقة ، كالغازي في سبيل الله حتي يرجع الي بيته”
“وعنه صلي الله عليه وسلم “خير الناس انفعهم للناس”
والقصد ان الإسلام حبب العمل الي المسلم وان يتقنه واذا اخلص في عمله فهو كأنه مجاهد في سبيل الله وكم نحن بحاجة الي بناء هذا المفهوم في أولادنا والعاملين في اجهزتنا الحكومية .سألت والدي رحمه الله لماذا قبل عصر النفط في الكويت لم تكن هناك دواوين كثيرة لديكم كما لدينا الان فقال من لم يعمل في ذلك الوقت لا يستطيع ان يعيش ، فالدواوين كانت محدودة جدا وتغلق بعد صلاة العشاء فالمجتمع جميعه منتج آنذاك ، ولذلك لم تكن هناك عماله مستورده ، فالعامل الكويتي كان منتجا وذو امانه ويعمل في جميع مجالات الاقتصاد القطاع الزراعي والقطاع الحرفي والصناعات الخفيفة بما فيها انتاج السفن الخشبية ، وعمال البناء ، وتربية الخيل والماشية ، والتجارة ، والبحر ….لقد تم فهم الرفاهية خطأ بأن استلم الراتب بدون عطاء وانتاجية في عصر ما بعد النفط وفي الحقيقه ان ثقافة العمل والإنتاجية والجودة والاتقان تدهورت في العالم العربي كافة ففي دراسة لاتحاد تنمية الموارد البشرية في مصر وصلت الدراسة الي ان إنتاجية العامل العربي تتراوح ما بين18-25 دقيقة باليوم ، بينما في اليابان تصل معدل الإنتاجية اليومية ما بين 8-10 ساعات يوميا هذا بدونحساب الساعات الإضافية وفي بريطانيا 8 ساعات يوميا ، وفي أمريكا 7 ساعات يوميا وهكذا في المانيا 7 ساعات يوميا ، ولهذا تملك هذهالدول اقتصاديات متقدمة ومتطورة تهيمن علي الاقتصاد العالمي اجمع ، فهي تعتمد علي قوي بشرية متطورة وذات إنتاجية عالية وقيم عمل تؤدي الي الجودة والاتقان والابداع .
بعد هذه المقدمة المختصرة نرجع الي الاقتراح الذي تقدم به الأعضاء المحترمين في مجلس الامه في تخفيض سن التقاعد وهدفهم في ذلك نبيل جدا وهو خروج اكبر عدد ممكن من سوق العمل ليحل محلهم خريجين جدد من القوي الوطنية ولإتاحة الفرصة للأخرين للتطور واخذ فرصتهم بالقيادة والاشراف ، لكن هذه الأهداف النبيلة يمكن تحقيقها من خلال وسائل اخري تطور الجهاز الإداري ويمنع استنزاف ميزانية التأمينات الاجتماعية من خلال التالي
1-اصلاح الجهاز التنفيذي للدولة من خلال إعادة تشريع قانون الخدمة المدنية الذي لا يمت للإدارة الحديثة بصله وتم وضعه من قانونيين بدون الرجوع الي مستشاري الإدارة فخرجت لنا نصوص هزيلة مرقعه لا يوجد فيها أي من أمور الإدارة الحديثة مثل تعيين القيادات الذي لا ينص علي أي ضوابط بتعيينهم وتقييمهم ، وغيرها من الأنظمة الإدارية الحديثة ،، هذا القانون الذي وضع عام 1979 ، أي منذ 38 عاما اصبح خارج نطاق التطبيق وادي بالجهاز الإداري الحكومي الي الترهل والتضخم بدون تحقيق اهداف التنمية ويمكن ان نشير الي تأخر الكويت عن شقيقاتها الخليجيات بكافة قطاعات الاقتصاد والتعليم والصحة والجودة ، وأيضا تعثر خطة التنمية التي اصبح لها اكثر من 15 عام وتسير ببطء شديد ، وأيضا تضخم الجهاز الوظيفي الحكومي بعماله زائدة وتعيين اغلبها بدون خطط قوي عامله وعلي غير رغبتها وتخصصها واستمرار الحكومة بالتعيين من غير حاجة بسبب فشلها في تطوير الإدارة العامة وتحقيق التنمية بمشاريع تتيح الوظائف للشباب الكويت والقوي الوطنية في جميع انحاء الاقتصاد مثل فشل تطبيق قانون المشاريع الصغيرة وتطوير مدينة الحرير ووقوف العقار منذ 1979 عن انشاء مدن استثمارية جديدة وغيرها من المشاريع التي لا حصر لها .
2-القطاع الخاص هو المكون الحقيقي لتوظيف العمالة في اقتصاد أي دولة ولكن للأسف في الكويت الهرم مقلوب فأغلب العمالة الوطنية تعمل في القطاع الحكومي وقليل منها من تعمل في القطاع الخاص فتبلغ اعداد العمالة الوافدة في القطاع الخاص مليون ونصف عامل واما العمالة الوطنية فتبلغ 70 الف فقط أي بنسبة 5% من مجموع العمالة في القطاع الخاص وفي الحقيقة ان فشل الحكومة في تنظيم العمالة في القطاع الخاص وخضوعها لنفوذ التجار الذين لا يرغبون بالعمالة الوطنية بسبب ارتفاع أسعارها جعل الكلفة عالية جدا علي الاقتصاد الكويتي أهمها انها جعلت العمالة الوطنية اغلبها في القطاع الحكومي وبتضخم كبير لا حدود له ولأول مرة منذ عقود يعاني المواطن الكويتي من إيجاد وظيفه وعليه الانتظار في طابور البطالة لوظيفه لا تعكس اختصاصه وطموحه الكبير في تطوير نفسه وزيادة إيراداته المالية ، كما ان الكلفة كانت كبيرة علي الخدمات العامة في الكويت من العمالة الوافدة مما خفض جودتها وأخيرا بلغت تحويلات الوافدين 7 مليار دينار سنويا حسب ما نشرت الصحف المحلية فالقطاع الخاص يحمل مئات الاف الوظائف التي يمكن ان تشغلها العمالة الوطنية مثل المهن الإدارية ومهن البيع والتسويق والتي تبلغ عددها اكثر من 600 الف وظيفه .
باختصار انه هناك وسائل اخري لإيجاد وظائف للكويتيين ولإتاحة المجال لهم لزيادة دخلهم ولكن هذه المقالة لا تسع لطرحها جميعها وان شاء الله في مقالات قادمة ، ورسالتي الي اخواني أعضاء مجلس الامة المحترمين بان تقليل سن التقاعد كلفته عالية جدا ولن يحل المشكلة بل سيؤجلها الي وستستمر بالمستقبل أيضا أن لم نصلح انظمتنا الإدارية والاقتصادية ، والإصلاح الاداري والاقتصادي كلفته لا تذكر ولكن نتائجه كبيرة علي الجهاز الحكومي وتطويره وتحقيق أهدافه واهداف التنمية وإيجاد فرص لا محدودة من الوظائف للعمالة الوطنية .
د. وليد عبدالوهاب الحداد