كيف تكون قائدا من غير منصب
روبين شارما من كتاب الإدارة والقيادة وبناء الذات المشهورين في هذا المجال له كتاب رائع في القيادة (( القائد الذي لم يكن له منصب )) ، ولعل من العنوان يتضح الوهم الذي يقع فيه الكثير من العاملين سواء في المنظمات الحكومية أو القطاع الخاص أن القيادة مرتبطة بالمال والمنصب و النفوذ ، فهذا الكتاب يضع قاعدة مهمة ويحكي قصص رائعه ، في أن القيادة ممكن أن تكون من غير منصب وأن الذكاء والإبداع والانتاجية والجودة في العمل وبناء العلاقات مع الناس والعاملين والعملاء تضمن لك القيادة وتأثيرك على الآخرين ، وتحقيق أهدافك في الحياة والوظيفة .
وتتلخص قصة الكتاب أن أحد الجنود المسرحين من الجيش أصابه الإحباط الشديد من الحياة ومن العمل ، وكان يعمل في شركة بيع كتب ، فلما رآه صاحب والده يائسا من العمل أحب أن يريه كيف يمكن أن يكون قائدا وسعيدا من غير منصب ، وأن يأخذ وضعه الوظيفي في الشركة ، وقال له أنا سنويا أفوز بجائزة الشركة لرجال المبيعات وأسافر بها سنويا واستمتع بالإجازة من هذه الجائزة ، عرضت علي الشركة عدة مناصب كبيرة رفضتها لسعادتي في مكاني الحالي في المبيعات ولتحقيقي أهدافي الوظيفية والحياتية وأريد أن أدلك على كيف أن تكون قائدا بدون منصب ، ولكن يجب أن نبدأ غدا صباحا الساعه الخامسة صباحا وهذه أول مبادئ القائد من غير منصب .
القاعده الأولى :
ابدأ في الصباح الباكر ومارس الرياضة يوميا قبل العمل ، لأن الرياضة تعطي جسمك طاقة للـ 15 ساعة التالية في العمل ، وفيها حديث النبي – صلى الله عليه وسلم – : ( لو توكلتم على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير تغدو خماصا وترجع بطانا ) ، وأيضا أداء فرض صلاة الفجر عند المسلمين كبداية روحية ورياضية لليوم (الاحاديث ليست في الكتاب).
القاعدة الثانية :
اعمل بجهد وتفاني وجودة في العمل بحيث لا يمكنهم تجاهلك ، ولهذا سوف أصحبك إلى زميلة لي تعمل في أحد الفنادق ذات الخمس نجوم المشهورة ، وبعد الوصول للفندق تفاجأ أنه قصد أحد العاملات بنظافة الغرف ، ولكن المفاجأة أنها كانت سعيدة جدا بوظيفتها وحياتها ، فقال لها ما يجعلك بهذه السعادة وأنتي بهذه الوظيفة ؟ ، قالت له هذا أحد أسرار الجودة والاتقان التي تجعلك سعيدا ، فأنا أتقن عملي بكل جودة وألاحظ أدق التفاصيل في غرفة الفندق بحيث أترك الاعجاب بها للنزلاء ، ولهذا أشعر أني أحقق ذاتي في عملي ، ومن باب آخر الثناء علي من الإدارة والعملاء ، وبما أننا في فندق ذو خمس نجوم ويرتاده كبار السياسيين ونجوم المجتمع فهم أصبحوا يطلبونني بالإسم للعناية في غرفهم ، وهذا أصبح يدر علي كثير من المال ، وأصبحت رقما صعبا في خدمات هذا الفندق بوظيفتي البسيطة ، وهذا المبدأ ينطبق على جميع الوظائف.
القاعدة الثالثة :
لا تخشى الأعمال الصعبة ، فمارس عادة أن تبدأ يوميا بانجاز الأمور الصعبة وليس شرطا أن تنجزها في يومها ، وضع إطار زمني لها ، ومع الأيام ستجد أنك بدأت بالانجاز في هذه الأمور وأيضا بناء الثقة والقدرات المهنية والاحترافية في عملك.
القاعدة الرابعة :
الانتاجية العالية لا تكون إلا من خلال العمل بدون ملهيات ، فحاول قدر الإمكان إيجاد الوقت المناسب للإنجاز والبعد قدر الإمكان عن الملهيات عند الإنجاز لتحقيق الإنتاجية العالية مثل أول الصباح أو آخر العمل … ، أو الاقلال من الصداقات غير المنتجة في العمل ، وأيضا الالتهاء في وسائل التواصل.
القاعدة الخامسة :
تذكر قاعدة 20/80 ، وأيضا فارق 1% للفائزين الذي يصنع فارقا في العمل ، أغلب الانجازات تتحقق من خلال قاعدة 20% عمل تحقق 80% نتائج ، وأيضا لا تتهاون بالأعمال الصغيرة يوميا فأنجز 1% يوميا ومع الأيام ستلمس الفرق بنفسك ، وتذكر رحلة الألف ميل تبدأ بخطوة.
القاعدة السادسة :
أوجد وقت للتخطيط والتفكير في الأمور المهمة ، فإذا لم تضع خطة وتحدد الأمور المهمة والأولويات ستكون من ضمن خطط الآخرين ، وأيضا بدون تخطيط يعني تخطيط للفشل ، حاول أن تحدد أماكن الفشل ، والنجاح والانجاز والعوائق والأمور المضيعة للوقت ، واحتفل دائما بالنجاح لإعطاء نفسك حافز لمزيد من الانجاز والانتاجية.
القاعدة السابعة:
حافظ دائما على صحتك ، فبدون الصحة لا يكون للانجاز والنجاح طعم ، وبدون الصحة ستضعف انتاجيتك ، ولهذا نجد أن أغلب المديرين والقادة الناجحين لهم برامج رياضية يومية.
القاعدة الثامنة :
التعليم والتطور عادة الناجحين ، فالمعلومات قوة ، حاول أن تتعلم كل يوم شيئا جديدا ، فكلما كانت لديك معلومات حديثة عن مهنتك كلما كانت قدرتك على توجيه وإلهام الآخرين كبيرة وذات نتائج.
والقصد أن اظهار الأفضل ومنح القدوة والتغيير الإيجابي باحترام الآخرين قوى طبيعية لا تحتاج الى منصب لكي تقوم لها ، وأسأل نفسك دائما كيف أكون الأول والأكثر والوحيد والأفضل في عملي وانتاجيتي ، وتذكر أنه كلما كانت المخاطر الموجودة أكبر كانت المكافآت المتاحة أعظم ، وتذكر أن قائد الطائرة يقوم بطقس معين فهو يتحقق من خط الرحلة ويضغط على كافة مفاتيح التحكم ليتأكد من أنها تعمل كما يقيم لوحة الأدوات التشغيلية .
حاول أن تطبق مثل هذه القاعدة في بداية يوم عملك ، وتأكد ماذا تريد أن تعمل وماذا تريد أن تنجز .. ، وختاما الكتاب ممتاز وفيه رحلة في القيادة والانجاز وفيه الكثير من القصص ، وليس بالضرورة أن نطبق جميع هذه القواعد لتكون قائدا بدون منصب ولكن حاول تطبيق البعض منها فهي كفيلة بتحويلك إلى قائد من غير منصب .
والله المستعان ،
د. وليد عبدالوهاب الحداد