لا اقتصاد متطور ولا انتاجي بدون حماية المستهلك

لا اقتصاد متطور ولا إنتاجي بدون حماية المستهلك

 

القاعدة الأساسية لأي اقتصاد إنتاجي ومتطور هو مدي قدرة الدولة علي حماية المستهلك ، ولذلك نري أن أكبر اقتصاد عالمي في الولايات المتحدة يوجد فيها اقوي منظمات حماية المستهلك، وحقوق المستهلك محميه بالقانون ولعل من المناسب أن نذكر كيف بدأت حركة حماية المستهلك هناك اذ في بداية القرن العشرين ومع بداية تطور صناعة السيارات أنتجت احدي وكالات السيارات الكبيرة سيارة اذا صدمتها من الخلف تنفجر وادت بحياة العديد من المستهلكين  وبما أن المستهلك الفرد ليس لديه القدرة علي مواجهة الشركات الكبيرة هنا ضاعت حقوق المستهلكين ظلما فقام  رالف نادر بأنشاء حركة حماية المستهلك حتي يواجه المستهلكين الشركات الكبيرة كمجموعه وليس كأفراد وفعلا نجح رالف نادر بتجميع ٥ مليون عضو وسماه اتحاد المستهلكين وارغم الشركة علي سحب السيارة وتعويض المتضررين ويقوم اتحاد المستهلكين بدور أساسي وكبير لحماية المستهلك فهو لديه عدد ٢ مختبر كبير لفحص السلع والمواد الغذائية والاستهلاكية بحيث يقوم بفحص ١٥٠٠ سلعه سنويا وتحديد مدي جودتها ومشاكلها ونفعها المستهلك وينشر ذلك في مجلته التي فيها ٥ مليون مشترك وايضا تؤدي دور كبير في حماية المستهلك من خلال تشكيل جماعة ضغط علي الكونغرس للتشريعات التي تضر المستهلك كما يساعد المستهلك في رفع قضايا علي الشركات في حالة الضرر لتعويضه بالإضافة الي دوره في خلق وعي استهلاكي في المجتمع هذا بالطبع كان له انعكاس علي جودة السلع والخدمات في الاقتصاد فبدون رقابة المستهلك والخوف منه فإن السلع والخدمات تقل جودتها كما في دول العالم الثالث باختصار حماية المستهلك وجودها ضروري لتطوير أي اقتصاد منتج ومصدر للسلع ولذلك تنشط جمعيات حماية المستهلك علي مستوي دول العالم أجمع ومن اجل القيام بهذا الدور الهام ، ونرجع الي حماية المستهلك في بلدنا فثقافة وقيم حماية المستهلك قاعدة اساسيه في مجتمعاتنا الإسلامية وكانت تمارس لمئات السنين إلا أنه مع ترك الدين وتخلف مجتمعاتنا وسيطرة المحتكرين  والمتنفذين انتهي دور حماية المستهلك ، فالإسلام كدين في المعاملات التجارية أحكامه كلها قائمة علي حماية المستهلك ومنع التجار من أضراره فحرم الله الربا بقوله تعالي ( احل الله البيع وحرم الربا) كما أن الله سبحانه وتعالي اهلك أمة النبي شعيب بسبب شركهم وغشهم في الميزان كما قال تعالي علي لسان نبيه عليه السلام(والي مدين اخاهم شعبيا قال يا قوم اعبدوا الله مالكم من اله غيره ولا تنقصوا المكيال والميزان اني أراكم بخير واني اخاف عليكم عذاب يوم محيط) سورة هود ٨٤

كما حرم الإسلام الغش في التجارة وحرم الاحتكار و يجمع العلماء أنه اذا قصد المحتكر الأضرار المستهلك من خلال الاحتكار فأمواله حرام وغيرها من الأحكام في الشريعة التي القصد منها أولا واخيرا حماية المستهلك وحماية الاقتصاد والمجتمع .

وفي الكويت بالرغم من صدور قانون لحماية المستهلك إلا أنه لم يرخص لجمعية واحدة لحماية المستهلك وايضا لا زالت الجهود متواضع جدا في حماية المستهلك في الكويت بالرغم من جهود وزارة التجارة الممتازة في هذا المجال إلا أن حماية المستهلك قضيه شعبيه وليست رسميه كما في دول العالم أجمع وهناك جمعية دوليه لحماية المستهلك لها فروع في شتي أنحاء العالم إلا في الكويت وانصح بالترخيص لها هنا بالكويت من أجل زيادة الوعي الاستهلاكي من خلال ترجمة نشرات وكتب هذه الجمعية وايضا مجلة اتحاد المستهلكين في أمريكا الذي يفحص مختبريا ١٥٠٠ سلعه سنويا وينشر تقاريره بهذا الشأن لمزيد من التوعية ولعل من أساسيات ظلم المستهلك بالكويت هو الاحتكار ولي هنا قصه اذكرها للعبرة والاستفادة عندما كنا طلبه ندرس في لوس أنجلوس أراد صديقي شراء سيارة جديدة ألمانية الصنع وعندما ذهبنا للوكيل اذ بعدة وكلاء لنفس نوع السيارة في الشارع نفسه وتشتد بينهم المنافسة   ولذلك يهتمون اهتمام بالغ بالمستهلك فمجرد ان تطأ قدمك الباب حتي يتهافت عليك رجال المبيعات يحققون ما تطلبه ، وننتقل هنا  الي الكويت  اذ كنا نريد شراء سيارة لابنتي بعد تخرجها وعملها لنفس صنع السيارة الألمانية ولكن الفارق ان الوكيل في الكويت محتكر وكانت قيمة السيارة ١٨ الف دينار فدخلنا المعرض ولم يهتم بنا احد فذهبت الي كاونتر المعلومات فقلت لها نريد شراء سيارة فأشار الي مندوب المبيعات فقالت اذهب له فقلت لها انا الشاري المفروض ان يأتي الي فنادته فجاء الي زعلان جدا فقلت له نريد الموديل الفلاني فقال غير موجود انتهت من المخازن ، فقلت له متي تأتون بالسيارات الجديدة فقال بنزر وغضب ما اعرف … بالطبع هذا أسلوب تعامله ورده بسبب احتكاره لأنه يعلم انك لن تستطيع شراء هذا النوع من السيارات إلا من خلاله وان استوردتها من الخليج او البلد الام   فهو في يمنع صيانتها في كراجاته وتلاحقك الشرطة لتغيير ا رقام السيارة غير رسوم التحويل وهكذا الاحتكار يجعل المواطن ان يدفع لقيمة سيارة في البلد الام ٥ آلاف دينار الي دفع عشرة الي ١٥ الف قيمة السيارة واما الصيانة فحدث ولا حرج اسعار غير طبيعية  … وما ينطبق علي السيارات ينطبق علي كثير من السلع في الاقتصاد  في سنغافورة علي سبيل المثال يعلمون أن المستثمر الأجنبي لا يمكن أن يستثمر في اقتصاد احتكاري وضعف حماية المستهلك حيث السلع والخدمات ذات الجودة المنخفضة ولذا تري هناك حرص شديد علي حماية المستهلك…وختاما حتي لا نطيل عليكم لا يوجد اقتصاد حقيقي منتج بدون حماية المستهلك

  والله المستعان 

د.وليد عبدالوهاب الحداد

Advertisement

About Waleed Alhaddad

كاتب - باحث - خبير إداري و اقتصادي - مستشار التطوير الاداري في جهاز اعادة الهيكله-ديوان الخدمه المدنيه
This entry was posted in Uncategorized. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Fill in your details below or click an icon to log in:

WordPress.com Logo

You are commenting using your WordPress.com account. Log Out /  Change )

Twitter picture

You are commenting using your Twitter account. Log Out /  Change )

Facebook photo

You are commenting using your Facebook account. Log Out /  Change )

Connecting to %s